http://www.bbc.co.uk/arabic/worldnews

الثلاثاء، 24 مايو 2011

الثورة وكشف العورة ( سلسلة مقالات ) - الحلقة الأولى

ما كان أحوجنا الى الثورة، بعد أن وصلت كل سبل البلاد الى طريق مسدود
ولكن كان لابد أن يعلم الجميع أن الثورات تكشف العورات، فهناك كثيرين يرون أن الأوضاع السيئة المستقرة أفضل من الأوضاع الجيدة غير المستقرة.
مثقفوا مصر كانوا يعرفون عوراتها، لم يستطع النظام البائد أن يخدعهم ويخفيها عنهم كما أخفاها عن القاعدة العريضة من الشعب، وكما كان يعرفها مثقفوا مصر فقد عرفها كذلك جيدا الكثير من الدول الأجنبية، وبالطبع القائمين على النظام السابق، واللذين لم يدخروا جهدا فى تضخيم تلك العورات وإنمائها مع إبقائها تحت سيطرته تماما كما يسمن الراعى ماشيته ويسيطر عليها لإستخدامها وقت اللزوم.
ولا يعنى هذا أن الثورة على خطأ، ولا أن المجتمع المصرى مجتمع معيب، فكل المجتمعات فى العالم لها عوراتها ونقاط ضعفها، ولكن المجتمع الراقى يقوم بمعالجة عوراته أولا بأول ولا يخفيها، وهذا بالطبع ما حرم منه المجتمع المصرى على مر العصور حيث لم يكن مسموحا له من قبل الأنظمة الحاكمة أن يقوم بأى تدخل لعلاج نفسه أو تقويم إنحرافاته، وطبعا الأهداف مفهومة ومعلومه.
المهم ،،، وبعد أن أطلت فى التقديم أريد أن أطرح العورات المجتمعية التى طفت على السطح بعد الثورة وإنطلقت حرة من القيود لتعيث فى الأرض الفساد وتعطى إنطباعا للمواطن العادى ( غير الثورجى ) بأن الثورة طامة كبرى جاءت لتطيح بإستقرار البلاد وقلبت حياته رأسا على عقب.
العورة الأولى: ضعف أو إنعدام الشعور بقيمة الكرامة
حيث دأبت النظم الحاكمة على إمتهان كرامة المواطن وبشكل مستمر وبشتى ومختلف الطرق والمسميات، وإشغاله بأمور أخرى مثل الأمن ( أمنه الشخصى )، وقوت اليوم، والخوف من ضياع المستقبل بالسجن ( تلفيقا )، وغير ذلك من الصور الكثيرة للفزاعات التى إستخدمتها  الأنظمة لهدم القيم العليا لدى الإنسان المصرى وإضعاف إحساسة بقيمة الكرامة التى تفوق بمراحل تلك القيم الأخرى التى حاول النظام ( ونجح ) فى إعلائها على قيمة الكرامة الإنسانية،،، ومحصلة ذلك الآن أن المواطن المصرى حاليا لايجد معنى للثورة بل ولا يرى خسائرها توازى مكاسبها المتمثلة فى الكرامة،، فهو كان يعتقد أن الثورة قامت لرفع المرتبات والدخول، فلما وجد أن هذا الأمر لم يتحقق بمجرد نجاحها ( النسبى ) وفوجئ بأهل الثورة يصارحونه بأنها كانت لإسترداد الكرامة المفقوده، أسقط فى يده وتحول فى معظم موقفه من مؤيد للثورة إلى معارض لها أو على أقل تقدير، غير مهتم بها وبتطورها، وساعد على ذلك حالة قصر النظر التى تربى عليها المواطن طيلة العقود الماضية فقد عاش على مبدأ ( إحيينى النهاردة وموتنى بكرة ) ولذلك فهو غير قادر - وله العذر فى ذلك - على تفهم مسألة التطور الطبيعى للثورات وجنى نتائجها على المدى القصير والطويل.
ومن هنا يبدو أن الثورة بدأت تفقد الكثير من الزخم الشعبى الجارف الذى كان عامل حسم فى إدراكها للهدف الأول لها وهو إسقاط النظام.
وسوف أوالى بمشيئة الله تناول باقى العورات كل فى حلقة منفصلة من حلقات تلك المقالة،، وذلك لإفساح الطريق للنقاش حول كل واحدة منها على حده بحيث تأخذ حقها فى ذلك النقاش والتحليل وتفنيد الآراء حول حقيقة وجودها وسبل معالجتها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق